في عصر التحولات والتكتلات الضيقة التي قد ترهن ميزان القوة عالميا و بالخصوص مايحدث حاليا في زيادة الحدّة والتنافس بين كل من روسيا و أمريكا يبرز دور الجزائر في هذا التنافس القديم الجديد بين هذين القطبين ......
أهمية الجزائر 🇩🇿 في التنافس القطبي بين أمريكا 🇺🇲 و روسيا 🇷🇺
ولماذا هي دون سواها ...
حتى نفهم لب هذا التنافس المحموم المتجدد ....
أولا علينا أن نعود لاصل بداية هذا الصراع حتى لا تفوتنا صفحة من ملامح هذا التنافس الكوني -وبإختصار شديد -
بعد الثورة الصناعية الفرنسية اواخر القرن الثامن عشر ،شهد العالم تغيرات في نمط الحياة التقليدية وجب عليه مسايرة التطورات الحاصلة ...باستخدام مكثف للطاقة وقود هذا الانقلاب الصناعي اللذي شهدته البشرية ...
ولان القوى التقليدية الكبرى وعلى رإسها الامبراطوريات (البلشوفية ، العلمانية و البريطانية ) ارادات ان تحوز حصة الاسد من التجارة العالمية ،حتى تحكم قبضتها على المنافذ البرية و البحرية و فيما بعد الجوية للحركة القوافل ...
و ظل هذا الصراع بين هذه القوى محل شد و جذب حتى دخول عصر الفضاء و اللذي كانت لالمانيا النازية اليد العليا فيه والسباقة تكنولوجيا في التوصل لانجازات فريدة وغير مسبوقة اهمها على الاطلاق مشروع الاتصال الحديث الانترنيت، القنبلة الذرية و غزو الفضاء ...
ولكن انتكاستها وانهزام الرايخ الثالث و إنتحار هيتلر بعد الحرب العالمية الثانية ،جعل حلف وارسوا المسيطر الفائز واعضاءه يقومون بإقتسام الغنائم الدسمة للنازية و سلب كل التراث التكنولوجي الحربي الألماني بما فيها شيفرة صناعة الغواصات و الصواريخ الارض جو ...
ليشهد العالم عندها ولادة الإمبراطورية الامريكية 🇺🇲 الجديدة المنازعة للتفوق السوفياتي و اللذي استاطاعت بعد سنوات سجال بينهما في حرب باردة انهكت العالم بأسره ،من تفتيته الى دويلات صغيرة ولاءها تحول من الشرق الى الغرب، وبريق الدولار والحلم الأمريكي الحديث كان سببا مرجعيا في ذالك وانهاء حقبة زمنية سوداء من التوتر العالي و سباق تسلح انتهى بأكتساب اكثر من طرف لاسلحة دمار شامل يمكنها افراغ الكوكب من البشر في رمشة عين ...
بعد دراسة تقنية لاسباب تفوق القطب الرأس مالي على نظيره الاشتراكي وبعيدا عن قدح الأيديولوجية المتفاوته بينهما و بث شعارات لاستمالة اكبر عدد من الدول تحت اجنحتهما ..توصل السوفيات : ان علو كعب خصومهم و تراجع مكاسب اكبر قوة عسكرية في القرن الماضي ما كان ليحدث لولا استغلال امريكا طفرتها العسكرية واقتسامها مع حلفاءها المخلصين (بريطانيا ،فرنسا ،كندا ، أستراليا و الكيان ، إيران )
مضايقة الاتحاد المتفرد بزعامة نفوذه و زعزعة امنه و تدميره لاحقا ...
اليوم يبدوا ان الروس قد استخلصوا العبر من ماضيهم الملطخ فبعدما كانوا اكثر تحفظا في نسج علاقات إستراتيجية مع حلافاءهم ،اصبحوا اكثر لينا و تفتحا ....
مثلما نرى اليوم من تنويع للشركاء الإقتصادين و العسكريين من اجل مجابهة المد الامبريالي و رد الصاع له ...
وشاءت صدف هذا النزاع ان تقع نواة الحسم النهائي على الجزائر 🇩🇿 محاولين استرضاءها او على الأقل دفعها لهامش الحياد ...
لكن لماذا هي دون سواها ؟؟؟
لماذا ليست مصر او تركيا او إيران او حتى السعودية و المغرب مثلا محل هذا التجاذب بين القوتين...
هنا ستكون عدة عوامل جوهرية محددة لهذا التوجه منها :
ان الجزائر 🇩🇿 حليف قديم جدا للروس وذات و بعدها و ثقلها العربي الأفريقي المتوسطي والاسلامي يجعل كفتها مقارنة ببقية الدول راجحة ..
كما ان احترافية جيشها وعدم تدخله سابقا في أي نزاع اقليمي عربي /عربي يجعلها محل ثقة واجماع كل الاطراف
، و اعتدال ديبلوماسيتها اللتي سطرت سابقا الكثير من الملاحم مزالت شاهدة الى اليوم ....
ومركزها الجغرافي اللذي يتوسط العالم العربي و قارتي افريقيا و أوروبا من جهة يجعل منها اما مركز عبور او حائط سد قد يعرقل حركة النقل المدني و العسكري على حد سواء...
اما العامل الاهم والرئيسي هو ان الجزائر تعتبر البلد الوحيد المشترك بين الطرفين ذى استقلالية الكاملة في الراي السياسي و العسكري والاقتصادي مقارنة بباقي حلفاءهم المقيدين .... وهي الوحيدة اللتي لا يوجد فوق ترابها ثكنة عسكرية اجنبية واحدة رغم الظغوطات السابقة اللتي ضيقت عليها في فترات ضعفها ...
و اكثر ما يخشاها الامريكان من تعاظم قوة هذا البلد هو نزعته الهجومية الدائمة ضد ربيبتهم اسرائيل, وقوفها كطرف مضاد ليس من مصلحة أمريكا و حليفتها من اجل التوسع في القارة وانهاء الهيمنة الكلية على العالم و اللتي تبقى الجزائر فيه اخر قلاع الصمود و المقاومة للنظام العالمي الجديد ....
من جهة ثانية في ان ثقة الروس في الجزائر 🇩🇿 غير محدودة ، وذالك نتيجة الصداقة القديمة اللتي تم بناءها مباشرة بعد استقلال البلد و اللتي ساهم بومدين في ارساءها و تعميقها و زاد توطيدها كل من خلفه وفي كرسي المرادية ...
لذى فليس من المستغرب جدا ان يفتح الكريملن خزائن اسلحته الاستراتيجية النادرة لهذا الحليف دون شروط مسبقة و لا سقف انفاق محدد ..
وهو ماستغلته القيادة احسن استغلال ،في تعزيز قدراتها العسكرية ،حتى اصبحت أقوى بلد متوسطي ان لم يكن ضمن أقوى عشر بلدان في العالم ...وذالك نتيجة سياسة الصقور اصحاب النظر المستقبلي البعيد ...
يمكن ان ننتقد كل السياسات الاجتماعية و الادارية للبلد منذ اسقلاله لكن ما يجب ان نشير اليه و ننوه به ..
ان المنظومة العسكرية اللتي تسير البلد منذ نشأته الحديثة ابان عصر الامير الى غاية اليوم ذات بعد وطني نافذ و حاد قل نظيره بين المنظومات العالمية ...لهذا صعب على المتربصين اختراق اروقتها حتى في عز سطوة حزب فرنسا ....
صحيح ان اليوم الجزائر مزالت بحاجة الى مساعدة خارجية في تدعيم قدراتها القتالية وخاصة مع شركاءها (الروس ،الصينين و الالمان ) بعد فرملة فرنسا لنهضتها القومية مرات عدة
...
لكن الطفرة اللتي اكتسبتها بعدما حازت على حصرية نقل التكنولوجيا الحربية مؤخرا ...سيحررها من قيود الصناعة العسكرية مستقبلا ...ليس مستبعدا ان نصبح في القريب العاجل انتاج غواصات و طائرات شبحية جزائرية خالصة....... يومها سنصبح برج العرب و حصن الاسلام و سنعيد امتنا الى عهدها اللذي تستحقه بإذن الله الواحد الأحد
بلد ولد عظيما لن يكون الا عظيما و لن يحكمه الا امة عظيمة ...
لا غالب إلا الله
Enregistrer un commentaire